Thursday, January 24, 2019

ما هي "المواد الخطيرة" الموجودة في حفاظات الأطفال بفرنسا؟

قالت الوكالة الوطنية للأمن الصحي الفرنسية إنها عثرت على مواد كيميائية تجاوزت حدود السلامة خلال اختبارات لحفاظات الأطفال.
ورصدت الوكالة بعض المواد التي يحتمل أنها "تشكل خطورة على صحة الإنسان"، من بينها مادة "غليفوسات" المثيرة للجدل التي تستخدم كمبيد للأعشاب الضارة.
وأضافت أن اختبارات الحفاضات تعد أول اختبارات تجريها وكالة وطنية للصحة والسلامة في العالم.
ودعت إلى تحرك سريع "والنظر إلى المخاطر المحتملة التي ربما تشكلها هذه المواد الكيميائية" على الأطفال الرضع.
وقالت وزيرة الصحة الفرنسي، أنييس بوزين، إنه "لا توجد مخاطر شديد أو حالية" على صحة الأطفال.
وأضافت في تصريح لوكالة فرانس برس للأنباء :"ينبغي لنا الاستمرار فيما يبدو في استخدام الحفاضات لأطفالنا. نفعل ذلك منذ 50 عاما على الأقل".
بيد أن وزراء الصحة والمالية والبيئة أصدروا بيانا مشتركا قالوا فيه إن الحكومة منحت المصانع مهلة قوامها 15 يوما لاتخاذ إجراءات.
وقالت الوكالة، تحت ما أُطلق عليه حالات "الاستخدام الفعلي"، إنها "رصدت عددا من المواد الكيميائية الخطرة في حفاظات الأطفال التي يمكن أن تنتقل من خلال البول، على سبيل المثال، وتتصل لفترة طويلة بجلد الطفل".
وأضافت أن بعض المواد الكيميائية تضيفها المصانع عن عمد "مثل العطور التي قد تسبب حساسية الجلد".
وعثر أيضا على مادة "غليفوسات".
تستخدم مادة "غليفوسات" على نطاق واسع لكنها أصبحت هدفا مستمرا للمكافحة خلال أنشطة حملات الصحة والبيئة بعد أن أدرجتها دراسة لمنظمة الصحة العالمية على قائمة المواد "المسرطنة المحتملة".
لكن المادة مازالت الأكثر استخداما كمبيد للأعشاب في أوروبا، إذ لا يرى مسؤولون في الاتحاد الأوروبي أنها "مسرطنة".
وكان حارس في الولايات المتحدة قد رفع دعوى قضائية على مصنع، وحصل على تعويض بملايين الدولارات بعد أن اتفق القضاة على أن أحد منتجاته أسهم في إصابته بالسرطان.
وتعتزم فرنسا منع استخدام المادة كمبيد للأعشاب بحلول عام 2021.
وتصدّر خبر العثور على مواد كيميائية في حفاضات الأطفال العناوين الرئيسية للصحف في البلاد بعد نشر التقرير.
وقالت الوكالة في بيان إنها توصي "بالتخلص من المواد الكيميائية التي عثر عليها في حفاضات الاستخدام الواحد، أو تقليلها قدر الإمكان".
وأضافت أن ذلك يشمل وقف استخدام العطور بأنواعها.
كما دعت إلى اتخاذ تدابير تنظيمية أكثر صرامة على مستوى دول الاتحاد الأوروبي، وقالت الحكومة الفرنسية إنها ستتابع الاجراءات بعد نشر التقرير.
وأصدرت مجموعة "هيجين"، التي تضم تحت مظلتها شركات تصنيع عدد من المنتجات الصحية الفرنسية، بيانا بشأن التقرير وقالت إن أكثر من ثلاثة مليارات حفاظة تستخدم كل عام بدون رصد أي آثار صحية ضارة.
وأضافت المجموعة أن عددا من التدابير الحاكمة لمعيار الجودة والسلامة تُطبق.
وقالت فاليري بوايي، مدير إدارة المجموعة، إن المصانع "ستتعاون مع السلطات لمواصلة الوفاء بتوقعات المستهلكين".
أجرت الوكالة دراسة على عدد من حفاظات الأطفال التي تستخدم مرة واحدة وتنتجها علامات تجارية مختلفة ومتوفرة في السوق الفرنسية.
وقالت إن الطفل يستهلك نحو 4000 حفاظة خلال السنوات الثلاث الأولى من حياته.
ولم يحدد التقرير أسماء العلامات التجارية التي خضعت منتجاتها للاختبار، وقال إنها ممثلة في السوق الفرنسية. وتوجد علامات تجارية لحفاظات أطفال متوفرة في فرنسا وتباع أيضا في دول أخرى.

Friday, January 4, 2019

عندما ودّع الحراس الأمريكيون صدام حسين

خلال صيف عام 2006 لم تكن الوحدة 515 التابعة للشرطة العسكرية الأمريكية في العراق تقوم بمهام تذكر سوى حراسة أحد المستشفيات في المنطقة الخضراء أو مرافقة بعض القوافل من حين إلى آخر. لكن الأمور اتخذت منحى آخر تماما بنهاية العام، وباتت الوحدة مكلفة بحراسة "معتقل مهم جدا"، لم يكن سوى الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. هذا بعض مما جاء في كتاب الضابط في الجيش الأمريكي، ويل باردنويربر، الذي يحمل عنوان "صدام حسين وحراسه الأمريكيون، سجين قصره".
حدق أحد عناصر الحراسة في وجه صدام حسين بتمعن بينما كان الأخير يغط في نوم عميق عندما شاهده لأول مرة وجها لوجه، رغم أنه يعرفه تماما بسبب العدد اللامتناهي من الأخبار التي تناولته وصوره على صفحات المجلات والصحف.
خلال تلك الفترة كانت تجري محاكمة صدام أمام محكمة عراقية أنشأتها الولايات المتحدة الأمريكية وكان يتم نقله من المعتقل والذي كان داخل قصر له على ضفاف نهر دجلة، إلى مقر المحكمة وكانت الوحدة 515 مسؤولة عن ذلك والحفاظ على حياته وضمان سلامته.
أطلق عناصر الحماية على أنفسهم مجموعة "سوبر 12" وكانت مهمتهم السهر على راحة "رمز محور الشر" حسب تصنيف الولايات المتحدة وقتذاك، وكانت واشنطن حريصة جدا على الحفاظ على حياته وضمان محاكمته لأن ذلك سيظهرها حريصة على تطبيق العدالة وليس الإنتقام.
ومع مرور الوقت نشأت بعض الألفة بين الحراس وصدام الذي لم تكن تبدو عليه علامات "الشر" حسب قول أحد الحراس. وتطورت العلاقة بين بعض الحراس وصدام الى نوع من الصداقة خلال فترة قصيرة.
استغرب الحراس رضا صدام عن ظروف اعتقاله في زنزانة صغيرة بدلاً عن قصوره الفارهة العديدة. كان يستمتع كثيراً بالجلوس على كرسي صغير خارج الزنزانة وأمامه مائدة صغيرة عليهاعلم عراقي صغير، يكتب عليها ويدخن سيجار كوهيبا الكوبي الفاخر الذي كان حريصا على تخزينه في علب خاصة للحفاظ على رطوبة السيجار.
كان صدام يهتم كثيراً بطعامه، يتناول فطوره على مراحل، في البداية يتناول العجة وبعدها قطعة حلوى وفي الأخير الفاكهة. كان يرفض تناول العجة إذا لم تعجبه.
كان يستمع إلى الراديو ويتوقف عن البحث عن محطة راديو أخرى لدى سماعه المطربة الأمريكية ماري بليج. كما كان يحب ركوب الدراجة الهوائية التي كان يسميها "المهرة" وكان يمازح الحراس ويقول إنه غزال يقوي سيقانه عبر ممارسة الرياضة كي يتمكن لاحقا من القفز فوق أسوار السجن.
وضحك صدام عندما سمع الحراس يقولون إن زميلاً لهم يشبه شخصية دراكولا في مسلسل الرسوم المتحركة "افتح يا سمسم".
كما كان يبدي اهتماما بالحياة الخاصة للحراس ويسألهم عن أفراد أسرهم إلى درجة أنه كتب قصيدة لزوجة أحدهم.
تحدث صدام عن قيام ابنه عدي باطلاق النار على رواد أحد النوادي الليلية في بغداد فقتل وأصاب العشرات وهو ما أثار غضبه ونقل الحراس عنه قوله : كنت غاضبا جدا أضرمت النار بكل سياراته"، يذكر أن عدي كان يمتلك العديد من السيارات الفارهة مثل رولز رويس وفيراري وبورش وغيرها.
وقال حارس آخر إن صدام كان يتمتع بأفضل ما يمكن أن يحصل عليه سجين وكنت على قناعة بأنه لو استطاع أنصاره الوصول إليه من أجل تحريره فلن يلحق بنا الأذى فقد كنا على علاقة جيدة معه.
كان صدام خلال جلسات المحاكمة شخصية أخرى، وكان غير معني بالدفاع عن نفسه ، بل كان يتحدث وكأنه يوجه كلامه لمن سيكتب التاريخ لاحقا ويلقي الضوء على الأرث الذي تركه.
وكانت نتيجة المحاكمة شبه محسومة والكل كان على يقين تقريبا بأنه يواجه الموت. لكن عندما كان يعود من جلسات المحاكمة كان يعود إلى شخصيته المعهودة ويتصرف كأنه بمثابة جد للحراس.
وأضاف صدام: وقفت استمتع بالنظر إلى النيران وهي تأتي على سيارات عدي.
ويقول مؤلف الكتاب ويل باردنوربر إن الحراس الأثني عشر قاموا بواجبهم بمهنية وإنسانية رغم الظروف الفظيعة التي كانت سائدة وقتها و"رغم أن هؤلاء الشبان
ويوضح الكاتب أنه مهما كانت التحديات والمشاكل التي واجهها الحراس اثناء حراسة صدام "لكن اللحظة الأقسى كانت في نهاية مهمتهم، فالإحساس بأنك لعبت دوراً في موت شخص تعرفت عليه وعايشته لفترة أشد وطأة من إطلاق النار على شخص لا تعرفه من مسافة بعيدة، لا أقول إن إطلاق النار على شخص أمر سهل لكنه حتما يختلف عن معايشة شخص على مدار الساعة مثل هؤلاء الحراس وفي النهاية تسلمه إلى الآخرين كي يقتلوه".
كانت اللحظات الأخيرة لمرافقة الحراس الأمريكيين لصدام يوم تنفيذ حكم الإعدام فيه. عانق صدام الحراس الذين سلموه إلى القائمين على تنفيذ حكم الإعدام، في النهاية هذا شأن عراقي داخلي حسبما يقول الكاتب. لم ير الحراس عملية الإعدام لكنهم شاهدوا الظلال وصرير فتح الباب الذي كان يقف عليه صدام و سقوطه وطقطقة خلع رقبته.
كان أصغر الحراس عمراً الجندي آدم روجرسون. كان في الثانية والعشرين من العمر. تحدث روجرسون في مقابلة معه بداية 2018 عن اللحظات الأخيرة التي سبقت عملية الإعدام وقال: كان يوما حزيناً. بعد توقف الضجيج والصخب عرفنا إننا في المنطقة المحصنة الآمنة وأنه لن يأتي أحد لأخذ صدام. وقبل أن يسير إلى غرفة الإعدام توجه إلينا وودعنا وقال: كنتم جميعا بمثابة أصدقاء. بكى بعض الحراس أما هو فقد كان حزينا. كانت لحظات غريبة، تعاركت مع الآخرين ونجوت من العبوات الناسفة، لكن لم أكن مهيأً لمواجهة وضع كهذا".
لم يتلقوا أي تدريبات للتعامل مع سجين من هذا النوع، بل تلقوا تدريبات مثل غيرهم من عناصر الشرطة العسكرية حول طريقة التعامل مع السجناء من العسكريين وليس رئيس دولة سابق".